انا درزي…. انا كافر لبناني ؟ بقلم د. هادي وهاب

بقلم د. هادي وهاب
رُفِضَت إحدى مقالاتي يومًا عندما ذكرتُ أن الدروز من أصلٍ عربي.
صُدِمتُ. كانت قبل ذلك تدور في رأسي أسئلةٌ كثيرة بلا أجوبة.
اذا كان شعري أسود وعيوني سوداء، فأصلي عربي، لكن جارتنا شعرها أشقر وعيناها زرقاوان، فهل تعود أصولها إلى الجزيرة العربية حقًّا؟ هل أهل الشام وحلب من أهل السُّنّة، من ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر، من أصولٍ عربية؟ هل أعرف سعوديًا أو قطريًا أو إماراتيًا أو يمنيًا أو عُمانيًا أو كويتيًا أشقر؟ هل القبائل التي أرسلها أبو جعفر المنصور لتستوطن وادي التيم وصولًا إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، والتي اعتنقت المذهب التوحيدي لاحقًا، هي أوائل الواصلين إلى جبل لبنان؟ ألم يكن هناك بشرٌ في هذه الجبال الواسعة؟
استحصلتُ على الجواب الدامغ بعد سنوات، عندما رأيتُ فحص الـDNA لإحدى الصديقات، وهي التي اندهشت أكثر بالنتيجة:
٤٧٪ شرق أوسطية،
٢٠٪ يونانية وجنوب إيطالية،
٦٪ إيطالية،
٣٪ أشكنازية يهودية،
١٧٪ آسيوية غربية،
٧٪ شمال أفريقية.
فسألتني: وكيف أكون عربية؟
وعندما رحتُ أتعمّق في القراءة، استنتجتُ أن المؤرخين الدروز حاولوا دائمًا، لأنهم أقلية دينية، إثبات جذورهم العربية والإسلامية. لكن هل كل العرب مسلمون، وكل الإسلام عرب؟ وهل الدروز كلّهم ذوو جذورٍ عربية؟ وما العيب في ألّا نكون كذلك؟ ولماذا محاولة إثبات ما ليس عيبًا أصلًا؟
فالعيب على من يعيب، والناقص من يرى في ذلك نقصًا.
فهل يحقّ للدروز أن يبحثوا عن هويتهم وموقعهم وسط هذه الأجواء الإقليمية والمتغيّرات؟
أنا أرفض، لأنني أعرف هويّتي.
أنا درزيٌّ لبنانيٌّ في آنٍ واحد. ولو كنتُ كافرًا، فأنا كافرٌ لبنانيٌّ. ولو كان الله لا يحبّ الكافرين، لما أوجد بشرًا يعبدون الأوثان قبل وجود الأديان السماوية.
أنا هو الإنسان. لستُ بحاجة إلى إثبات شيء سوى أن هذه الأرض أرضي، وهذا التراب ترابي، وفي هذه الوديان والأنهار مياهي الجارية وعروقي الثابتة. ومن يريد أن يأخذ حقّي فقط لأنني درزي، فلا يلومنّي على ما قد أفعل. ففي هذا القرن لستُ بحاجة إلى أن أُثبت شيئًا سوى أنني موجود.
موجودٌ لأحيا وأبقى كما أريد، لا كما يريد غيري لي


